الكرملين: روسيا تدرس جدوى استئناف التجارب النووية بتوجيه من بوتين
أكد المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن موسكو تواصل دراسة مدى جدوى البدء في التحضير لإجراء تجارب نووية جديدة، موضحًا أن العمل جارٍ في هذا الاتجاه وفقًا لتوجيهات الرئيس فلاديمير بوتين، غير أن العملية تتطلب وقتًا نظرًا لتعقيدها الفني والسياسي.
وأوضح بيسكوف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الروسية “تاس”، أن الخطوات الجارية في الوقت الحالي لا تعني أن روسيا قررت استئناف التجارب النووية، وإنما تأتي في إطار تقييم شامل للأوضاع الدولية ومستجدات الموقف الأمريكي في هذا الملف الحساس. وقال المتحدث باسم الكرملين: "حتى الآن، يجري العمل وفقًا لتعليمات الرئيس بوتين، ولا جديد في هذا الشأن، فالمسألة ما تزال في مرحلة الدراسة والتحليل، ومن الطبيعي أن تستغرق وقتًا".
وأشار بيسكوف إلى أن الرئيس الروسي لم يصدر أوامر مباشرة بتنفيذ التجارب النووية، بل كلّف الجهات المعنية، ومن بينها وزارات الدفاع والخارجية والأجهزة الأمنية، بدراسة مدى جدوى الإقدام على مثل هذه الخطوة، في ضوء التطورات الأخيرة التي تشهدها السياسة النووية الأمريكية.
وتأتي هذه التصريحات بعد أيام من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه وجّه وزارة الدفاع (البنتاجون) إلى استئناف التجارب على الأسلحة النووية "في أقرب وقت ممكن"، مشيرًا إلى أن بعض الدول الأخرى بدأت بالفعل في تنفيذ تجارب مشابهة. ورغم أن ترامب لم يوضح طبيعة هذه التجارب أو ما إذا كانت تشمل تفجير رؤوس نووية، فإن الخطوة أثارت قلقًا واسعًا في الأوساط الدولية، خاصة في موسكو.
وفي هذا السياق، ناقش مجلس الأمن الروسي، خلال اجتماعه في الخامس من نوفمبر الجاري، تداعيات الموقف الأمريكي، حيث أعرب رئيس مجلس الدوما فياتشيسلاف فولودين عن مخاوف المشرعين الروس من احتمال نشوب سباق تسلح نووي جديد.
ووفقًا لما أعلنته الرئاسة الروسية، فقد وجّه بوتين الجهات المختصة بجمع وتحليل المعلومات المتعلقة بالتحركات الأمريكية والدولية، وتقديم مقترحات متكاملة بشأن إمكانية بدء التحضيرات لتجارب نووية مستقبلية، مع مراعاة الأبعاد الأمنية والاستراتيجية والبيئية.
وتأتي هذه التطورات في وقت تتزايد فيه التوترات بين موسكو وواشنطن على خلفية الحرب في أوكرانيا، والعقوبات الغربية المفروضة على روسيا، إلى جانب تزايد الحديث في الأوساط السياسية الغربية عن ضرورة تعزيز الردع النووي. ويرى مراقبون أن تصريحات الكرملين الأخيرة تعكس رغبة موسكو في إرسال رسالة قوية مفادها أن أمنها القومي لن يكون محل مساومة، وأنها تتابع عن كثب أي خطوات أمريكية تمسّ التوازن الاستراتيجي العالمي.
ويرى محللون أن عودة الحديث عن التجارب النووية من جديد يثير المخاوف بشأن انهيار ما تبقى من منظومة الحد من التسلح النووي، خاصة بعد انسحاب الولايات المتحدة وروسيا من عدد من الاتفاقيات الرئيسية خلال الأعوام الأخيرة، مثل معاهدة الصواريخ النووية المتوسطة المدى.
وبينما تواصل روسيا تقييم الموقف بعناية، يترقب المجتمع الدولي نتائج هذه الدراسة الروسية التي قد تحدد ملامح المرحلة المقبلة في العلاقات بين القوتين النوويتين الأكبر في العالم، وسط مخاوف من عودة سباق التسلح النووي إلى الواجهة بعد أكثر من ثلاثة عقود على نهايته الرسمية في حقبة الحرب الباردة.






